أ. المـقـدمـة
بدأ القرن الحادي والعشرين بتغيرات جذرية هامة تطرح العديد من التحديات والفرص، وليست البلدان العربية بعيدة عن هذه التغيرات، فضلاً عن تعاظم أهمية المعرفة-والتي تعتبر التكنولوجيا أحد عناصرها- في الاقتصاد حتى أصبحت سمة اقتصاد القرن الحادي والعشرين هي الاقتصاد المبنى على المعرفة Knowledge-Based Economic . وهذا يعنى أن مجتمعات الغد ستكون قائمة على المعرفة وهيمنتها. ويعتبر التعليم أهم مصادر تعزيز التنافس الدولي، خاصة فى مجتمع المعلومات.
باعتبار أن التعليم هو مفتاح المرور لدخول عصر المعرفة وتطوير المجتمعات من خلال تنمية حقيقية لرأس المال البشرى الذي يعتبر محور العملية التعليمية. ويعنى ذلك أن مجتمع واقتصاد المعرفة مرتبط بمفهوم مجتمع التعليم والذي يتيح فرص للفرد يتعلم كيف يعرف،ويتعلم بهدف أن يعمل، ويتعلم لكي يعيش مع الآخرين، وأخيراً يتعلم لكي يحقق ذاته.
فمع ثورة المعلومات والاتصالات التي ظهرت في نهاية القرن والعشرين، بدأ انتقال البشر إلى مجتمع المعرفة. وكانت كلا من الولايات المتحدة واليابان من أوائل الدول التي اهتمت مؤسساتها التعليمية في العبور إلى مجتمع المعلومات. حيث بدأت الحكومة الأمريكية في إعادة النظر في استراتيجيتها التعليمية أما اليابانيون فقد تابعوا تقليدهم في منح التعليم المنزلة الأولى في حياتهم العلمية والاجتماعية والاقتصادية. وقد حصدت حكومتا البلدين نتائج خططهما، إذ بلغت نسبة الاكتشافات الأمريكية المسجلة عالميا مع بداية الألفية الثالثة ما يقارب من 55% من مجموع هذه الاكتشافات، وسجلت اليابان نسبة 21%، في حين لم تتجاوز حصة دول الاتحاد الأوربي نسبة 15% من مجموع الإكتشافات العالمية التى بلغ عددها 200 ألف اكتشاف.
وبالتالي يمكن القول بأن التحدي المطروح اليوم أمام البلدان العربية- والتى مازال أغلبها يعتمد على نظم التعليم القديمة- هو مدى النجاح في الوصول إلى الاستثمار الأمثل للتكنولوجيا بهدف الارتفاع بنوعية التعليم وتوسيع انتشاره،وتحقيق تعميم المعرفة، دون أن يكون ذلك على حساب نوعية التعليم أو على حساب تكلفتة الفعلية. كما أن من أهم التحديات التي تواجه التعليم في مجتمع المعلومات، القدرة على استكشاف الطرق الجديدة للتعليم- مثل التعليم الالكتروني، والتعليم عن بعد، والتعليم المستمر، والتعليم المفتوح- واستنباط حلول تستند إلى معرفة جيدة للوسائل التكنولوجية، والوسائط الحديثة المستخدمة في التعليم، وفهم نقاط القوة والضعف في التطبيقات التكنولوجية الحديثة.
ب. إشكالية الدراسة
يتمثل الهدف المستقبلي للعملية التعليمية فى الفكر التربوى الحديث فى تحقيق التعلم للإتقان، والتفوق، والتميز للجميع. وذلك من خلال تبنى ما يلي:نقل التعليم من الاهتمام بالكم إلى الكيف، توجيه التعليم نحو التعليم الذاتي والمستمر مع الطلاب مدى الحياة، تحويل الطالب من مستهلك للمعرفة إلى منتج لها، وأخيراً أن يوجه الطالب نحو ايجابيات وسلبيات العولمة والانفتاح على الثقافة العالمية بما يكفل عدم عزلتهم عن العالم من جهة، والمحافظة على العادات، والتقاليد، والقيم من جهة أخرى.
ولذلك كان من الضروري دراسة الوضع الحالي لمنظومة التعليم في البلدان العربية وتحديد أوجه القوة والضعف فيها؛ بهدف تحديد المتطلبات الأساسية لبناء منظومة وطنية للابتكار تسهم بتوفير الإطار اللازم لتحقيق مجتمع المعرفة وإلى تحديث مناهجها التعليمية بما يفضى إلى بناء ثقافة معرفية واكتساب مهارات التفكير الإبداعي والنقدي بدءاً من المراحل المبكرة للتعليم.
ج. أهمية الدراسة
تتمثل أهمية الدراسة فى إن إعادة بناء العقل السعودي والعربي لاستيعاب ثورة المعلومات فى تطبيق أساليب التكنولوجيا وتطويرها يحتاج إلى أساليب جديدة في التعليم مثل التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، وإعادة المناهج وتطويرها لتتلاءم مع التقدم الجاري في العالم وذلك حتى نستطيع البلدان العربية دخول عصر المنافسة فى الأسواق العالمية بعيداً عن مظلات الحماية والمنح والدعم.
د. تساؤلات الدراسة
تسعى الدراسة إلى الإجابة على التساؤلات التالية
· ماهية الاقتصاد المعرفي وسماته وفوائده وعلاقته بالتعليم الالكتروني والتعليم عن بعد، وما هو تأثيره على المستوى العالمي والعربي؟
· ما هو الواقع الحالي لمنظومة التعليم فى البلدان العربية؟
· ما هي المتطلبات الأساسية لعلاج أوجه القصور فى منظومة التعليم ؟
· ما هي الاستراتيجيات المقترحة التي قد تساعد على إيجاد واستكمال كل من أركان وخصائص مجتمع واقتصاد المعرفة؟
ه.منهجية الدراسة
في سبيل الإجابة على تساؤلات الدراسة يتم استخدام المنهجين التحليلى الوصفى والاستقرائى، وذلك بهدف تشخيص الوضع الراهن للتعليم فى البلدان العربية، وتحديد المتطلبات الأساسية لتطوير لتعليم بما يساعد على بناء اقتصاد المعرفة فى تلك البلدان.
و. خطة الدراسة
سعياً للإجابة على التساؤلات السابقة سوف يتم تقسم البحث إلى أربعة مباحث على النحو التالي:-
· المبحث الأول: ماهية مجتمع واقتصاد المعرفة
· المبحث الثاني: اقتصاد المعرفة وفجوة التعليم في البلدان العربية
· المبحث الثالث: المتطلبات الأساسية لعلاج أزمة منظومة التعليم فى البلدان العربية
· المبحث الرابع: إستراتيجية تطوير التعليم لبناء اقتصاد المعرفة فى البلدان العربية